للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو صاحب القصيدة التائية المشهورة١:

مدارسُ آياتٍ خلتْ من تلاوةٍ ... ومنزل وحْيٍ مقفر العَرَصَاتِ

ويقول ابن المعتز: إنها أشهر من الشمس.

وكان هؤلاء الشعراء المتشيعون يعدون شذوذًا في تلك الحقب التي استقر فيها الأمر لبني العباس. ولعلهم من أجل ذلك كانوا يداجونهم ويمدحونهم حتى دعبل فإنه كان يكثر من مديح المأمون. وكان الشعراء عامة من حوله ومن قبله وبعده يُضفون عليهم مدائحهم، ووقف كثيرون منهم يدافعون عن حقهم في الخلافة أمام العلويين، وأنهم ورثتها الشرعيون بحكم مانزل به الوحي الكريم في مثل قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} وما جاء في فريضة الميراث من تقديم العم على أبناء البنات، ولعل أحدًا لم يبلغ من ذلك ما بلغه مروان بن أبي حفصة في مثل قوله للمهدي:

يا ابنَ الذي وَرِثَ النبيَّ محمدًا ... دون الأقارب من ذوي الأرحام

الوحي بين بني البنات وبينكم ... قَطع الخصام فلات حين خصام

فارضوا بما قسم الإله لكم به ... ودعوا وراثة كلِّ أَصْيَد حَام٢

أنَّى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثةُ الأعمامِ

فالعباسيون لا العلويون هم أصحاب الحق في ولاية المسلمين، وهو حق إلهي نص عليه القرآن الكريم. وكم من شاعر صور هذا الحق مضيفًا على العباسيين سيرة تقية عادلة؛ فهم ظل الله في أرضه يحكمون الناس بتفويضه وإرادته.

الشعوبية

خسر العرب بسقوط الدولة الأموية سيادتهم المطلقة التي كانت لهم في هذه الدولة؛ إذ كان السلطان عربيًّا خالصًا، ولم يعد لهم ولا لجزيرتهم أي شأن مهم في السياسية، فقد غلب الفرس على الدولة وأصبحوا هم السادة وأصحاب النفوذ في


١ معجم الأدباء لياقوت "طبع مصر" ١١/ ١٠٣.
٢ الأصيد: السيد. والحامي: من يحمي ذويه.

<<  <   >  >>