للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّقَفِيين، فتَزْوَّر عنه؛ لسوء سلوكه، وينظم فيها كثيرًا من غزله، وتجذبه بغداد فيتحول إليها ويقدمه إسحاق الموصلي إلى الرشيد، ولا يلبث أن يغضب عليه فيسجن، لما يلجِّج فيه من عصبية مسرفة لمواليه القحطانيين١ ويطرق باب البرامكة في أثناء ذلك، فيحول بينه وبينهم أبان بن عبد الحميد، ويدخلان في معركة هجاء عنيفة، كان أبو نواس هو الذي يكثر فيها من السهام٢، ويظهر أن أبواب الفضل بن يحيى البرمكي فُتِحَت له؛ بينما ظل جعفر أخوه منقبضًا عنه، فهجاه بينما مدح الفضل مدائح رائعة. ولما أوقع الرشيد به وبأخيه وأبيهما سنة ١٨٧ للهجرة حزن أبو نواس، ورحل إلى مصر لغرض الترويح عن نفسه، فمدح والي الخراج بها الخصيب بن عبد الحميد وكان فارسيًّا. ولم يَطِبْ له المقام وحنَّ إلى بغداد، فقدم عليها بعد وفاة الرشيد، واستقبله الأمين استقبالًا حافلًا، ونادمه، فلاكته الألسنة، ويقال: إن المأمون حين خلع أخاه ووجه بطاهر بن الحسين لمحاربته كان يكتب كتبًا تقرأ على المنابر بخراسان يذكر فيها عيوبه وكان مما عابه به أن قال: "إنه استخلص رجلًا شاعرًا ماجنًا كافرًا يقال له: الحسن بن هانئ واستخلصه؛ ليشرب معه الخمر ويرتكب المآثم، ويهتك المحارم"٣. ويقال: إن الأمين حبس أبا نواس زمنًا؛ لخلاعته، ويقال: بل حبسه الفضل بن الربيع وزيره، وفي أشعاره ما يدل على هذا الحبس٤، على أن الأجل لم يطل به؛ فقد توفي قبل دخول المأمون بغداد، وتختلف الروايات في سنة وفاته، هل كانت سنة ١٩٥ أو سنة ١٩٩ كما تختلف في سببها٥.

وتدل نصوص مختلفة على أن أبا نواس في أثناء مكثه في الكوفة والبصرة كان


١ انظر في ذلك: طبقات الشعراء، ص١٩٥- ٢٠٠ وأخبار أبي نواس، ص١٥٥ وما بعدها.
٢ طبقات الشعراء، ص٢٠٢، ٢٤١. والأغاني، طبعة الساسي، ٢٠/ ٧٣، والحيوان ٤/ ٤٤٨، والديوان ص١٨٠.
٣ زهر الآداب ٢/ ١١١.
٤ زهر الآداب ٢/ ١١١، ١١٢.
٥ أخبار أبي نواس، ص٩٧، وانظر: طبقات الشعراء، ص١٩٤.

<<  <   >  >>