ومع ذلك لم يخرج عن الفصحى، وظلت عنايته بالمعاني تحول بين شعره وبين السقوط. والذي لا شك فيه أنه بسَّط لغة الشعر لا في مجال اللهو والغزل والخمر كما صنع بشار أحيانًا وأبو نواس غالبًا؛ بل أيضًا في مجال الزهد والمديح، فحتى المديح لم يقف عائقًا في سبيل هذا الأسلوب المبسط السهل، إذا انفك عن كثير من تقاليده القديمة من حيث مقدماته في وصف الصحراء والرحلة على النوق، وكذلك من حيث لغته الضخمة الجزلة وما كان يشوبها من الغريب عند بشار وأضرابه. وأدته هذه السهولة وما يدمج فيها من تبسيط إلى اختيار الأوزان الخفيفة والمجزوءة يصوغ منها شعره؛ بل لقد اندفع يجدد في الأوزان على نحو ما مر بنا في الفصل السابق مُظْهِرًا براعة فائقة.