فقد عبَّر عن العدم بكلمة لا شيء، وهي من كلام الفلاسفة. وكان كثيرًا ما يتكلف لإشارات تاريخية كقوله يدعو مالك بن طوق التغلبي إلى الصفح عن قوم تألَّبوا عليه:
لك في رسولِ اللهِ أعظمُ أسوةٍ ... وأجلُّها في سنةٍ وكتابِ
أعطى المؤلَّفة القلوبِ رضاهم ... كرمًا ورد أخايذَ الأحزاب
وهو يشير بذلك إلى ما حدث بعد موقعة حنين من تألف الرسول قلوب جماعة من قريش وغيرهم بما أعطاهم من الغنائم، وكأنه رد إليهم ما سبق أن أخذه في بعض حروبه منهم. ونراه يقول في الأفشين وإيقاعه ببابك:
ما نال ما قد نال فرعون ولا ... هامان في الدنيا ولا قارونُ
بل كان كالضحَّاك في سَطَواتِهِ ... بالعالمينَ وأنت أفريدون
والضحاك وأفريدون من ملوك الفرس الأسطوريين.
وكان أبو تمام يضيف إلى هذه الثقافة الواسعة ثقافة فنية لا تقل عنها اتساعا، كما تشهد بذلك مصنفاته الكثيرة التي اختارها من الشعر القديم والحديث، وقد طبع منها ديوان الحماسة بشرح التبريزي والمرزوقي.