فهذا الغطاء لوجهه من الخجل غريب! ولكن من يقول بأن الشاعر ينبغي أن يقف دائمًا عند الذوق القديم ولا يكون رائدًا لبدع جديد.
ومهما يكن فقد كان أبو تمام يحاول أن يبتكر في الصور وأن يغرب فيها، وما فائدة الرقي العقلي الحديث الذي أصابه الشاعر العباسي في القرن الثالث إن لم يستوعب في شعره مثل هذه الصورة الجديدة، ولعل ذلك أهم ما يفرق بين فنه في التصوير وفن أستاذه مسلم، كما يفرق بين فنه وفن ابن الرومي؛ فإن التصوير لم يستغرقهما على نحو استغراقه لأبي تمام، وإن الإنسان ليخيل إليه كأنما أصبح الشعر عنده ضربًا من لوحات الرسامين؛ فهو معني فيه دائمًا بالتصوير، مشغوف بكل خيال نادر طريف.