صورًا من الألفاظ ليحدث بها شيئًا من الخلل والارتباك في موسيقاه. وهذه كل وسائله الجديدة، وهي وسائل قد تفصح عن ثقافة؛ ولكنها لا تفصح عن طرافة في التفكير الفني نفسه ولا عن تنويع في آفاقه وآماده، وحقًا إنه عنى بشيء من الوسائل القديمة، وسائل الاستعارة والمشاكلة والجناس والطباق؛ ولكنها كانت تأتي عنده نادرة فإن استعملها أضاف إليها هذا التعقيد الذي يحيلها عن أصباغها، كما رأينا في الفصل السابق؛ إذ عرضنا لاستخدامه الطباق والاستعارة، ورأينا كأن هذه الألوان القديمة تفارق أصباغها عند شعراء هذه العصور، ولذلك انحاز المتنبي عن هذه الوسائل التي تجمدت في تاريخ الفن إلى وسائله الثقافية الجديدة. وفي هذه الوسائل تستقر مهارته في صنع القصيدة العربية، وهي مهارة تدل على أن آماد الشعر الفسيحة أخذت تضيق منذ القرن الرابع؛ فلم يعدل الشعراء إلى تنويع في التفكير الوجداني؛ إنما عدلوا إلى هذا التصنع الثقافي يؤدون به إيماءة مذهبية أو شارة فلسفية أو شاذة موسيقية.