بكثير من تلاميذه فهم لا يقفون عند كثيِّر وأضرابه ممن تذكرهم الكتب القديمة كالأغاني وغيره؛ بل هم أوسع من ذلك دائرة؛ فإن مدرسة زهير لم تكن محدودة بحدود معينة ولم يكن لها جدران ونوافذ خاصة؛ بل كانت واسعة تشغل الجزيرة العربية كلها، وبذلك شرَّقَتْ وغرَّبت في سرعة شديدة، ولم تحددها آفاق وأمكنة معينة، ونهض بها كثير من الشعراء كلٌّ يحقق داخل إطاره الفني الخاص ما يمكنه من جوانب مهارة، ووجوه طرافة. وسنرى صناعة الشعر العربي تتطور تطورًا شديدًا في العصر العباسي وتحقق لنفسها من الرقي ما لم يكن يحلم به الشاعر الجاهلي أو الإسلامي؛ ولكن ذلك لا يجعلنا ننسى الحقيقة القائمة، وهي أن الشعر القديم نسيج محكم لصناعة مجهدة.