الطبيعة. وكنا ننتظر منه أن يتساءل هل يمكن للعقل أن يعرف ما وراء الطبيعة من مسائل البعث والنشور أو لا يمكن؟ وإذا ثبت إمكان ذلك فهل طريقنا إليه العقل أو الشعور؟ وهل يمكن للعقل أن يحكم في قضايا ما وراء الطبيعة كما يحكم في قضايا الطبيعة؟ وهل أحكام العقل المجرد تكون صوابًا دائمًا، أو أنها معرضة للخطأ؟ كل ذلك لا نجد له أثرًا عند أبي العلاء؛ لأنه لم يكن فيلسوفًا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، وآية ذلك أنه لم يترك أي نظرية فلسفية معللة أو موضحة، وكيف له بصنع نظريات؟ إنه لم يكن يفكر التفكير الفلسفي الذي يقوم على صنع كليات؛ إنما كان يفكر تفكيرًا أدبيًّا يقوم على تشاؤم وسخط، وهو يعرض هذا التفكير في آراء متفرقة وأفكار مفككة، لا يطرد لها نظام ولا سياق فكري متماسك.