للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بألحان وترنيمات ثم يستمر. يقول حسان بن ثابت١:

تغنَّ بالشعر إما كنت قائله ... إن الغناء لهذا الشعر مضمار

ونحن لا نتقدم إلى أواخر العصر الجاهلي حتى نجد شاعرًا مشهورًا يكثر من غناء شعره، وهو الأعشى الشاعر المعروف، وقد سُمِّي بصنَّاجة العرب، وأكبر الظن أنه كان يوقع غناءه على الآلة الموسيقية المعروفة باسم الصنج٢.

وأكْثَرَ الشاعر الجاهلي من ذكر الغناء والقيان والأدوات الموسيقية المختلفة؛ مما يدل على ارتباط ذلك كله بشعره. يقول علقمة بن عبدة الفحل في ميميته:

قد أشهد الشربَ فيهم مِزْهَرٌ رَنَمٌ ... والقوم تَصْرَعُهُم صهباءُ خُرْطُومُ٣

ويقول الأعشى في معلقته:

ومستجيبٍ تَخال الصَّنْجَ يُسْمِعُهُ ... إذا تُرجِّع فيه القَيْنَةُ الفُضُلُ٤

ويقول طرفة في معلقته:

ندامايَ بيض كالنجوم وقينَةٌ ... تروح علينا بين بُرْد ومُجْسَد٥

رحيبٌ قطابُ الجيب منها، رفيقةٌ ... بِجَسِّ الندامى، بضَّةُ الْمُتَجَرِّدِ٦

إذا نحن قلنا اسمعينا انبرتْ لنا ... على رِسلها مطروفة لم تشدَّدِ٧

إذا رجَّعَتْ في صوتها خلتَ صوتها ... تجاوبَ أظآرٍ على ربع رَدِي٨

ونجد في ديوان الحماسة شاعرًا جاهليًّا يسمى سُلْمِيُّ بن ربيعة يذكر أن


١ العمدة لابن رشيق ٢/ ٢٤١.
٢ أغاني "دار الكتب" ٩/ ١٠٩، وانظر ترجمته في الشعر والشعراء وكذلك:
NICHOLSON, A LITERARY HISTORY OF.THE ARABS, P. I٣٣.
٣ الشرب: الجماعة يشربون الخمر.
المزهر: يشبه العود، ريم: حسن الصوت. الصهباء: الخمر. الخرطوم: أول ما يخرج ويصب من دن الخمر.
٤ مستجيب: عود يستجيب إلى الصنج، وهو دوائر رقاق من نحاس يصفق بإحداهما على الأخرى. ترجع: تردد النغم. الفضل: التي تلبس ثوبًا واحدًا رقيقًا.
٥ المجسد: ثوب مصبوغ بالزعفران.
٦ قطاب الجيب: مخرج الرأس من الثوب.
بضة: ناعمة. المتجرد: العاري من جسدها.
٧ مطروفة: كأن عينها طرفت. تشدد: ترفع صوتها.
٨ أظآر: نوق لها أولاد. الربع: ولد الناقة. ردي: هالك.

<<  <   >  >>