للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم يعيشون على تقليدهم، ومن ثمَّ كنا نراهم يقفون معجبين بالأزياء الفنية التي نسجها أبو نواس والبحتري وابن الرومي، والأخرى التي نسجها أبو تمام وابن المعتز، والثالثة التي حاكها المتنبي وأبو العلاء وأضرابهما، وقلما بدلوا في هذه الأزياء، إنما هم يتنازعونها فيما بينهم، كل يحاول أن يتزيَّى بها في فنه، وأعجبوا خاصة بزي التصنيع والبديع، وما تزال ترى الشاعر منهم يجمع بين هذه الأزياء جميعًا في فنه دون أن يعرف الفروق بينها، فهي كلها أزياء، وهي كلها تحتذى وتقلد.

ومع ذلك استطاعت الأندلس أن تمثل نفسها -إلى حد ما- في شعرها، فاستحدثت الموشحات والأزجال، وصور الشعراء بيئتها تصويرًا طريفًا، وكذلك شأن مصر، فقد استطاعت داخل هذا التقليد أن تمثل نيلها وزروعها وجناتها، كما استطاعت أن تمثل موجة الزهد والتصوف التي كانت منبثة في بعض جوانبها، وأيضًا فإنها مثلت موجة اللين والدعة التي كانت شائعة فيها، كما مثلت جانب الفكاهة والدعابة في شعرائها أروع تمثيل.

<<  <   >  >>