للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي شعره أشياء حسنة"١. ويقول ابن سعيد: "وقفت على ديوانه، وهو مشهور عند الناس قريب من أفهام العامة غير مُرْض عند صدور الشعراء, وديوانه كثيرًا ما يباع في سوق الفسطاط وسوق القاهرة. ولم أََرَ فيه ما يصلح للاختيار"٢. ويظهر أن ابن سعيد قسا عليه في الحكم فقد أشاد به صاحب الخريدة، وإن كان لاحظ عليه أن شعره "لم يَخْلُ من وهن اللحن" ولكنه يقول: إن ذلك "مقبول في سبيل الوعظ"٣. وروى له قطعة كبيرة من شعره إلا أنها كلها من الغزل الصوفي، وهو غزل كله تواجد، وليس فيه مادية ولا حسية على نحو ما نعرف في غزليات ابن الفارض، وأكبر الظن أنه أراد به إلى معانٍ دينية غير معاني الغزل الحقيقي، فهو من غزل المتصوفة. وعلى كل حال هو غزل سهل سهولة مطلقة، وقد ألِّف أكثره من الأوزان القصيرة. وهو من هذه الناحية أخف وألطف من غزل ابن الفارض؛ لأنه لم يملأه بالتصنع والبديع مثله، ولأننا نحس فيه بجو واسع من الحب الصوفي ومعانيه كقوله٤:

اصرفوا عني طبيبي ... ودعني وحبيبي

علِّلوا قلبي بذكرا ... هـ فقد زادَ لهيبي

طابَ هَتْكي في هواهُ ... بين واشٍ ورقيبِ

لا أبالي بفوات النَّفـ ... س ما دام نصيبي

ليس من لامَ وإن أطْـ ... نبَ فيهِ بمصيبِ

جسدي راضٍ بسُقْمي ... وجفوني ونحيبي

وواضح ما في هذا الغزل من روح المتصوفة إذ يتصل مباشرة بمبدأ التوكل عندهم وأنه لا يصح للمريض منهم أن يتعلل بدواء وهذه الموجة من الزهد


١ ابن خلكان ٢/ ١٨.
٢ المغرب "القسم الخاص بمصر" ص ٢٦١.
٣ الخريدة ٢/ ٤٠.
٤ الخريدة ٢/ ٢٠.

<<  <   >  >>