للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العصر الفاطمي والعصور التي جاءت بعده، ومن تورياته قوله في الشاعر السابق١:

يا شبه لقمانَ بلا حكمةٍ ... وخاسرًا في العلم لا راسخا

سلختَ أشعارَ الورى كلِّهم ... فصرت تُدعى الأسودَ السالخا

وقوله٢:

أهون بلون السَّوادِ لونًا ... ما فيه من حُجَّةٍ لناسبْ

لست ترى حمرةً لخدٍّ ... فيه ولا خضرةً لشاربِ

ولابن قادوس بعد ذلك دعابات ونوادر كثيرة، ويظهر أنه كان يقذع جدًّا في أهاجيه؛ إذ كان يخرجها مخرج السخرية كقوله في منافق٣:

حوله اليوم أناسٌ ... كلهم يزهى برائهْ

وهو مثلُ الماءِ فيهم ... لونُه لونُ إنائِهْ

والحق أن الشعر المصري نهض في العصر الفاطمي نهضة واسعة؛ إلا أنه ينبغي أن نلاحظ أن شعراء هذا العصر جميعًا كانوا يخلطون دائمًا بين المذاهب الفنية العباسية، فدائمًا ترى عند الشاعر الواحد قطعة من ذوق الصانعين وأخرى من ذوق المصنعين وثالثة من ذوق المتصنعين في غير نظام ولا نسق معين، ومع ذلك فقد مثل الشعراء بيئتهم وزهدهم وتصوفهم ومجونهم ونوادرهم في فنهم وشعرهم تمثيلًا واضحًا.


١ الخريدة ١/ ٢٢٦. والأسود: الثعبان.
٢ الخريدة ١/ ٢٣٣.
٣ الخريدة ١/ ٢٣٣. ورائه: رأيه.

<<  <   >  >>