للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الدعاء عن رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن محمدًا عبدك ورسولك، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة" ١.

والمؤمن يخص المؤمنين بالحب والولاء، إذ إن الحب يحتاج إلى بذل وتضحية وإيثار، والكافر لا يؤمن شره ولا يرجى خيره، وقد كفر بخالقه وجحد نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فكيف يوثق به؟ وكيف يتودد إليه؟ قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ٢.

وقد أخبر الصادق المصدوق أن المرء مع من أحب، فلينظر الإنسان إلى من يخالل، فإن كان كافرًا فليستغفر ربه. وإن كان مؤمنًا فإن خليله يذكره بالله، ويمحضه النصح والإرشاد، ويوجهه إلى فعل الخير وينهاه عن المنكر قولًا وفعلًا، فهذا هو المؤمن الحق, وتلك هي ثمرة الإيمان، وليهنأ بنعمة الحب لله وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي: "قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء" ٣.

وقد دلنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على زورق الوصول إلى المحبة في الله ألا وهو إفشاء السلام، وإطعام الطعام، وإقراء الضيف، وأن يلقى المسلم أخاه بوجه طلق، وأن يفرج عنه كربة من كرب الدنيا، وأن ييسر على معسر، وأن يستر مسلمًا ابتغاء وجه الله، وأن يمسك لسانه عن القيل والقال، وليقل خيرًا أو يصمت٤ ...

وهكذا رسم لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريق الحب لله، وإنها لصورة رائعة لمجتمع مسلم فاضل متمسك بالقيم الإيمانية مطبق شريعة الله ومنهجه قال سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ٥.


١ رواه أحمد وأبو داود.
٢ سورة التوبة: ٧١.
٣ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح, انظر رياض الصالحين: ١/ ٥٧٥.
٤ رواه مسلم، انظر رياض الصالحين مع شرحه: ١/ ٥٧٣.
٥ سورة البقرة: ٢٥٦.

<<  <   >  >>