للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم" ١.

وما الفائدة من الإيمان إذا لم يثمر حبًّا طيبًا رحبًا ساميًا رفيعًا بين أفراد المجتمع المسلم؟ إذ إن الحب هو الذي يساعد على التماسك والتعاضد والتناصر بين الأفراد إذا ما حل خطب بالمجتمع، أو داهمه عدو مشترك، أو أصاب بعض أفراد أمر خطير، وهنا نلحظ المعنى السامي والتعبير البليغ الذي ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" ٢، وقال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ٣, وقال: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا -قيل هذا إذا كان مظلومًا، فكيف إذا كان ظالمًا- قال: أن تأخذ على يده" ٤.

وفي الحديث القدسي الذي رواه معاذ بن جبل أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله تعالى: "وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتبادلين في" ٥.

وهكذا فالمؤمن بعقيدة التوحيد يحب الوجود كله، يحب الله تبارك وتعالى، ويحب الطبيعة ويعتقد أنها مخلوقة لله تبارك وتعالى خاضعة له خضوع سائر العباد للمعبود الواحد الأحد، ويحب الحياة ويعتبرها فرصة غالية لتحقيق غاياته الجسام، وهو يحب المؤمنين ويكره الشيطان وأولياؤه من الكفرة والزنادقة المارقين من الدين.


١ رواه البخاري والترمذي والنسائي وأحمد.
٢ رواه البخاري في الأدب.
٣ رواه مسلم.
٤ رواه البخاري.
٥ حديث صحيح رواه مالك في الموطأ, انظر رياض الصالحين مع شرحه: ١/ ٥٧٦.

<<  <   >  >>