واستلهام ما أوحى الله إليه من كتاب وسنة، ثم التفريع والتطبيق حسب الظروف والأزمان والأحوال والمصالح.
مصادر التشريع:
قد دل سبحانه وتعالى على ما شرعه من الأحكام بأدلة عديدة، فبعضها دل عليه بنصوص القرآن، وبعضها دل عليه بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير. وبعضها دل عليه بطريق أشير إليه. أو بوضع أمارة على الحكم المطلوب في الواقعة.
وهذه المصادر يعبر عنها تارة بأدلة الأحكام ومرة بأصول الأحكام وأخرى بمصادر الاجتهاد. وكلها كلمات مترادفة معناها واحد، وقد عرف الأصوليون الدليل بأنه ما يستفاد منه حكم شرعي عملي على سبيل القطع، وأما ما يستفاد منه الحكم على سبيل الظن فهو أمارة وليس دليلًا، لكن المشهور في اصطلاحهم أن الدليل هو ما يستفاد منه حكم شرعي عملي مطلقًا، سواء أكان على سبيل القطع أم على سبيل الظن.
والأدلة الشرعية التي تستفاد منها الأحكام ترجع إلى أربعة هي: القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس، وهذه الأدلة الأربعة اتفق جمهور العلماء على الاستدلال بها في الجملة، واتفقوا على أنها مرتبة في الاستدلال بها هذا الترتيب: القرآن فالسنة فالإجماع فالقياس. أي أنه إذا وقعت واقعة نظر في القرآن أولًَا، فإن وجد فيه الحكم أمضى، وإن لم يوجد فيها الحكم نظر في السنة, فإن وجد فيه الحكم أمضى, وإن لم يوجد فيها الحكم نظر في إجماع المجتهدين في عصر من العصور، فإن وجد فيه الحكم أمضى، وإن لم يوجد اجتهد في الوصول إلى حكم الواقعة بالقياس على ما ورد النص بحكمه.
والبرهان على الاستدلال بها هو قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ١.