للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ١.

ويقول سبحانه: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} ٢. ويقول عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ٣.

هذه الآيات القرآنية العظيمة كلها تدل على أن مصدر الثقافة الإسلامية هو كتاب الله تبارك وتعالى، وهذا الكتاب محل ثقة الناس لأنه مبرأ عن كل نقص أو هوى قد يصاحب العمل الإنساني أو يؤثر في الفكر البشري. وإن هذا المصدر موافق للفطرة الإنسانية، ملب لحاجاتها محقق لمتطلباتها، ملائم لكل جوانبها.

ومن البدهي أن الثقافة التي تنبع من كتاب الله والتي تحقق حاجات الإنسان، والتي يطمئن إليها الإنسان ويثق في صحتها تنشئ أرقى ثقافة عرفتها البشرية، وتقدم أشمل منهج للحياة.

وهي في هذه الخاصة تختلف اختلافا شاسعا عن الثقافة الغربية التي تستمد مصادرها من الفكر الفلسفي اليوناني والقانون الروماني ومن النصرانية المحرفة، أو من الفلسفة الوضعية.

والفلسفة الغربية في العصر الحديث تقوم على اعتبار الطبيعة والواقع والحس مصادر مستقلة وفريدة للمعرفة اليقينية أو المعرفة الحقة. بل إنها تعتبر أن الطبيعة هي التي تنقش الحقيقة في عقل الإنسان وهي التي توحي بها، وترسم معالمها الواضحة، وهي التي تكون عقل الإنسان, والإنسان لا يتلقى من خارج الطبيعة أو مما وراءها، ولا يتلقى من ذاته، إنما يتلقى المعرفة من الطبيعة بما فيها الواقع المحسوس٤.


١ النجم: ١-٤.
٢ الحاقة: ٤٤-٤٧.
٣ المائدة: ٦٧.
٤ خصائص التصور الإسلامي للأستاذ سيد قطب. ص٨١.

<<  <   >  >>