للمحاكمة وطلبوا صلبه، أفيدل ذلك أيضًا على أن المسيح عليه السلام لم يكن مرسلًا من ربه؟
ومن المعروف أن الذين حاربوا المسيح عليه السلام لم يكونوا أميين وليسوا من السذج وإنما كانوا من الصفوة ومن الرؤساء ومن العلماء.
ومن قبل كذب زكريا قومه وقتلوه، وكذبوا يحيى وتمنوا الخلاص منه، فلما قتل ظلمًا سكتوا عن قاتله، ولولم يكونوا راضين عن هذه الفعلة لما سكت أعلام اليهود عن هذا الأمر الخطير.
وقد قال ورقة بن نوفل وكان على الحنيفية:"لم يأت أحد بمثل ما أتى به محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا عودي".
وبعد هذا كله نسأل هؤلاء المستشرقين: لماذا يرون أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- هو الذي ليس له كرامة في وطنه من بين الأنبياء جميعًا؟ ومحمد -صلى الله عليه وسلم- كان عالي القدر في قومه قبل بعثته، وقد أطلقوا عليه اسم "الأمين" لما عرف عنه أنه سامي الأخلاق وشريف الخصال ونبيل المكرمات، وكان يختار من قومه للفصل بين المسائل والخصومات.
لهذا كله نقول: إن المستشرقين لم يوفقوا في إلصاق اتهاماتهم في الإسلام ولا في نبيه الصادق، ولم يوفقوا فيما وصلوا إليه من نتائج مفتراة.
الشبهة الثالثة:
الوسيلة التي انتشر بها الإسلام:
هل انتشر الإسلام بالسيف؟ هذه مسألة يثيرها كثير من المتحاملين على الإسلام، ولعل من له أدنى صلة بكتب السيرة يعرف مدى بطلان هذه الدعوة.
فقد ظل نبي الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- بمكة ثلاثة عشر عامًا يدعو إلى التوحيد، ولكن صناديد قريش يحولون بين الناس وبين تفهم الدعوة وقبولها. ومن تبعه من ضعاف القوم لقوا ما لقوا من إهانة وتعذيب وتنكيل، وكانت الوفود تقدم مكة لتسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن قريشًا تتصدى لهم وتجبرهم على العودة قبل أن يلتقوا برسول الله, صلى الله عليه وسلم.. ثم هاجر المسلمون إلى الحبشة مرتين فرارًا من