وكان للمسلمين منهج واضح في الدعوة إلى التوحيد، هذا المنهج يتضح لكل ذي بصيرة إذا قرأ الكتب التي أرسلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ملوك أهل الكتاب، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يخيرهم بين أن يدخلوا في الإسلام أو يظلوا على دينهم ويدفعوا الجزية، وإذا قبلوا دفع الجزية كان على المسلمين حمايتهم، وتترك لهم الحرية في إقامة شعائرهم الدينية. والدليل على ذلك معاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لوفد بني تغلب حينما قدموا إلى المدينة وكان منهم وثنيون أعلنوا إسلامهم، ومنهم مسيحيون ظلوا على مسيحيتهم، ومع انتشار الإسلام وتقدمه فقد ظل في هذه القبيلة عدد كبير من المسيحيين، ولما جاء عمر بن الخطاب حذر من الضغط عليهم بأية وسيلة، وأمر أن تكون لهم الحرية التامة في ممارسة شعائرهم الدينية، ولكنه اشترط عليهم أيضًا ألا يحولوا بين أي فرد منهم وبين الإسلام إذا رغب أن يكون مسلمًا، ومن أسلم منهم فإن أطفاله مسلمون لا يعمدون.. وقد آثرت هذه القبيلة أن تدفع الزكاة بدلًا من الجزية وتدخل في دين الله الذي حظيت في حماه بالحرية والكرامة الإنسانية.