للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمسلم وريث المصطفى المختار عليه الصلاة والسلام في التبليغ والبيان، والنصح والإرشاد، والدعوة والتقويم، وإحقاق الحق، وهدم الباطل، ومحاربة الكفر وأعوانه والضلال وأتباعه؛ إذ إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما؛ وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به، فقد أخذ بحظ وافر.

ولا يتمكن المسلم من أداء هذا الدور الجليل العظيم ما لم يكن معتزا بعقيدته، فخورا بمبادئه، مستمسكا بتعاليم دينه، خاضعا لخالقه، مستسلمًا له في كافة الأمور والأحوال، متدبرا آيات القرآن العزيز الحكيم، فاهما سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- منفذا للأوامر الإلهية مجتنبا النواهي، مدركا حكمة الله في الخلق، وفي الإماتة، وفي البعث والنشور وفي الحساب والعرض، وهو فوق هذا كله لين العريكة، قوي العزيمة، عالي الهمة، شكور صبور غيور على حرمات الله، طيب المأكل، عف اللسان، صادق المقال، غني الجنان، مرتبط بماضيه الزاهر، متبصر في حاضره، عالم بوسائل إصلاحه، لديه القدرة على مواصلة المسير نحو مستقبل تعلو فيه كلمة التوحيد، وترفرف فيه راية الإيمان..

هذا المسلم الذي اتقدت مشاعره للإسلام وحماسه لمبادئه، ووفاء بتعالميه، وولاء لأهله ...

هذا المسلم الذي تهذبت عواطفه وحسنت أخلاقه واستقام مسلكه قادر على إرساء قواعد الإيمان في الأرض، وعلى متابعة الخطى في موكب الإسلام، قادر على التصدي لخصوم الإسلام، ورد تحديات الملحدين المغرضين، وإبطال حججهم، ونقض آرائهم، ومحاربة أفكارهم، ورد طعناتهم في نحورهم هذا المسلم ذو الفكر المستنير، والقلب الكبير هو الذي نهل من معين الثقافة الإسلامية، وطاف في أفيائها، وورد منها كل مورد، وجمع من قطافها ما لذ وطاب، ورشف من مائها العذب الزلال.. وعاش في حماها، ورفع رايتها، وتفانى من أجل خدمتها وتوضيحها للناس بيضاء نقية.

والثقافة الإسلامية قادرة على إيجاد حياة جماعية تسودها قيم السماء، تلك القيم التي ترفع من شأن الإنسان، وتعلي قدره، وتجعله -بحق- خليفة لله تبارك وتعالى على وجه هذه البسيطة، ينفذ شريعته، ويطبق منهجه، فلا يظلم ولا يطغى، ولا يبغي ولا يتعسف ... هو إنسان يشارك أخاه الإنسان في أصل

<<  <   >  >>