للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} ١.

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ٢.

وقد أثاروا الفتن في عهد الخلافة الراشدة، وفي التاريخ الإسلامي المجيد، وفي محضنه الزاهر وظهر اسم عبد الله بن سبأ ليمثل الشخصية اليهودية بكل خبثها وبكل لؤمها وكيدها، فأثار الناس بدسائسه وحرضهم ضد الخليفة ذي النورين، ولم يكتف بأن ذهب ضحية مكره ومؤامرته الخليفة الصالح، وإنما امتدت فتنته لتحيط بالخليفة الرابع علي -رضي الله عنه وأرضاه- ومن ثم وجد الفرصة ملائمة لتشويه الفكر الإسلامي فأدخل بدعته وضلالته "إن لكل نبي وصيًّا، وإن عليًّا وصي لمحمد، وإن محمدًا خاتم الأنبياء وعليًّا خاتم الأوصياء" وبث "فكرة حلول الله بالأشخاص" ودسها بين الجاهليين من أهل الكوفة.

ولما قتل الإمام علي -رضي الله عنه- ظل هذا اليهودي يبث بدعته وضلالته بأن عليًّا لم يقتل وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى -عليه السلام- وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه وأن الذي قتل شيطان تمثل في صورته، وصار يوسوس لهم هو وأعوانه من السبئية، أن عليًّا يجري في السحاب وأن الرعد صوته وأن البرق سوطه، حتى صار السبئي إذا سمع صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين.. وتابع السبئيون ضلالهم فاعتقدوا بتناسخ الإله في الأئمة من آل البيت بعد علي.

وكان مقتل علي -رضي الله عنه- أثرًا من آثار الدسائس اليهودية، وكان تمرد الخوارج سببه عبد الله بن سبأ ... وهكذا.. بتلاعب أعداء الله، شر الدواب بالفكر الإسلامي، وبالحوادث التي سببت انشقاقًا في صفوف المسلمين وذهب ضحيتها آلاف مؤلفة من المؤمنين، ومن السذج الذين استجابوا لمؤامرة


١ سورة البقرة: ٨٩.
٢ سورة البقرة: ١٤٦.

<<  <   >  >>