للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ١.

فالقرآن الكريم وهو كتاب الله المنزل على رسوله الأمين، وهو الكتاب الصادق المحفوظ عن كل تغيير أو تبديل بحفظ الله تعالى يوجب على الناس جميعًا حاكمهم ومحكومهم تحكيم شريعة الله تعالى، وأنه ليس للحاكم أي صفة مقدسة تخرجه عن كونه إنسانًا، أو كونه معصومًا عن الخطأ في اجتهاداته وفي تصرفاته الخاصة التي تعتمد على رأيه الخاص وتفكيره في مسألة من المسائل. وتروي كتب السير والتاريخ أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو ثاني الخلفاء الراشدين، وهو الذي نزل الوحي مؤيدًا آراءه في بضعة أحكام، حينما أراد أن يحدد المُهور ويمنع التغالي بها. ارتفع صوت امرأة وهي تقول: كيف تريد أن تفعل ذلك وقد قال الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} ٢, فقال عمر, رضي الله عنه: أصابت امرأة وأخطأ عمر٣.

وإذا كانت دعوة التوحيد في الألوهية في الإسلام، تستهدف المساواة بين الناس في اعتبار الإنسانية، وفي البقاء في المستوى الإنساني، وفي المشاركة في خصائص الإنسانية من الخطأ والصواب. فإنه ليس هناك في نظر الإسلام مكان في المجتمع المسلم لنزاع حول السلطة، لأنه ليس لمجموعة من الناس أن تتميز على غيرها بأن لها حقًّا مقدسًا، أو أن لها حق التسلط على غيرها، أو أن لها حقًّا في وضع أحكام شرعية تلزم بها سائر الناس.. كلا إن الحكم إلا لله، وهذا هو معنى التوحيد الذي جاء به الإسلام.

أجل لقد قرر الإسلام الوحدة في ثلاثة أصول عامة:

١- قرر وحدة النفس البشرية، فلا انفصال بين الدين والحياة. أو الدنيا والآخرة أو الروح والجسم، أو الواقع والمثال.


١ النساء: ٥٨، ٥٩.
٢ النساء: ٢٠.
٣ استعنا بهذه القصة لشيوعها في كتب التاريخ وإن كانت لم ترد في كتب الحديث، ولا في المصادر التاريخية الأولى.

<<  <   >  >>