للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومفهوم المعرفة القائم على الوحي، وقد جعل الإسلام الإيمان بالغيب شرطًَا أساسيًّا من شروط المعرفة.. وقد دعا في أكثر من آية إلى التفكر والتدبر والتأمل في خلق السماء والأرض وما فيهما وما بينهما.. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ١.

وليس فهم الحياة بوصفها معبرًا وطريقًا إلى الآخرة بمنقص من هدف تحسينها وبنائها وعمارتها، ولكنه عامل مهم في جعلها أكثر أصالة وعمقًا، لأنه يقوم أساسًا على مفهوم المسئولية الفردية والجزاء والعمل في اتجاه منهج الله عز وجل.

وقد دعا الإسلام إلى العمل والاهتمام به، وإلى الرضى بقضاء الله في النتائج.. كما أن الإسلام لم يحارب الرغبات الإنسانية الداخلية، ولكنه وجهها التوجيه السليم الذي يتلاءم مع الفطرة الطبيعية ومع الخلقة الإنسانية. قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ٢.

ويمكن أن ألخص الموقف الإسلامي٣ من الحركة العلمانية ضمن المفاهيم التالية:

١- إن التدين جزء من الطبيعة البشرية، ولا يستطيع الإنسان أن يعيش من غير دين، ولقد عجزت المذاهب جميعها والأيديولوجيات على اختلافها أن تقدم له بديلًا عن الدين يشفي روحه، ويملأ حياته. ولقد حرر الإسلام الإنسان من عبودية المجتمع ومن عبودية الأفراد ليتجه إلى الله وحده.

٢- حرر الإسلام الفكر من الظنون والفروض والأساطير والخرافات والأوهام والأهواء، ودعا إلى التمسك بالمنابع الإسلامية الأصيلة، وفي مقدمتها "القرآن الكريم" و"سنة رسول الله, صلى الله عليه وسلم" ومن هنا كان التحرك الفكري للمسلمين إنما يجري في إطارهما، فإذا خرج عنهما وقع الحرج والضيق


١ سورة سبأ: ٤٦.
٢ آل عمران: ١٤.
٣ عن كتاب شبهات التغريب في غزو الفكر الإسلامي: ص٣١٧-٣٢٥.

<<  <   >  >>