للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدري لعلهم نسوا التاريخ الإسلامي الزاهر وأيامه الباسمة، أو إنهم درسوا هذا التاريخ دراسة مشوهة مكتوبة كتابة أوروبية مغرضة أو صهيونية ماكرة أو إلحادية طاغية، ومهما يكن فحري بهم أن يفكروا تفكيرًا سويًّا، وأن يمحصوا الأمور ويفندوها ويردوا النتائج إلى أسبابها.. وألا ينسلخوا من أمتهم، ومن دينهم، ومن شخصيتهم.

٣- وثالث هذه الأخطار التي خلفتها مدارس التغريب يكمن في أن الذين تأثروا بأفكار الأوروبيين، ورضعوا لبانهم، وشربوا من مشاربهم، ونظروا بمنظارهم.. وبهروا بمدنيتهم، ووسائل معيشتهم قد اتخذوا في البلاد الإسلامية مراكز اجتماعية رفيعة ومناصب حكومية عالية، فغدوا قادة للفكر وروادًا للتجديد، ودعاة للنهضة الحديثة المنشودة، وعندئذ تمكنوا من نشر أفكارهم وبسط آرائهم، وامتدت أيديهم للتلاعب في مناهج التعليم، ولوضع مخططات ثقافية جديدة تتناسب مع الوقت المعاصر والزمن المتطور والأحداث المتغيرة.. وبغمضة عين، وبخطة قلم أبعدوا العلوم الدينية عن المناهج التعليمية في كافة المراحل الدراسية واكتفوا بوضع مادة سموها "التربية الدينية" ثم تمادوا أكثر فأكثر فاقترحوا أن تسمى مادة "الأخلاق الدينية" ويدرس تحت هذا العنوان الأخلاق الإسلامية والمسيحية والموسوية..؟ أو ليست كلها ديانات سماوية..؟ أو ليست كلها تدعو إلى التخلق بالفضيلة..؟ ومن ثم تعالت صيحات تطالب بدمج التعليم الديني المسيحي "الكنيسي" مع التعليم الديني الإسلامي بكتاب واحد.. وإذا كان الطلاب المسلمون يتعلمون دينهم فلم لا يتعلم الطلاب المسيحيون دينهم أيضًا، وكلهم في مدارس حكومية سواء.. هذا ما فهمه دعاة الباطل من التجديد ومن ملاءمة مقتضى العصر ومن مسايرة الأحداث والوقائع..

وهم قبل هذا الإجراء جعلوا التعليم قاصرًا على العلوم المدنية والوطنية، مع دراسة لبعض الوقائع التاريخية المكتوبة بأقلام مسمومة ماكرة خبيثة.. والتي صورت الخلافة العثمانية صورة مشوهة ووضعتها في قالب استعماري مبدأ وسلوكًا وسيرة وتعاملًا وأخلاقًا.

وصورت احتلال الدول الأوروبية السياسي والعسكري للبلاد الإسلامية، بصورة المحب المشفق، فلم يكن استعمارًا ولا احتلالًَا وإنما كان حماية

<<  <   >  >>