للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاقتصادية في أوربا١.

والصحافة التي تعمل لحساب العلمانية تعتبر من أهم وسائل الإعلام لدى حركة التغريب، باعتبارها أكثر الوسائل الإعلامية شيوعًا وأبعدها تأثيرًا، سواء كانت محلية أو مستوردة.. وهي تتبع أسلوب المديح والتمجيد لأوربا وللحياة الأدبية، بحيث تدفع كل قارئ لأن تكون أحلى أمانيه أن يؤم أوربا وأن يعيش في جوها وأن يستمتع بحياة الرفاهية والترف..وإن أوربا اليوم قد أصبحت -في أقلام الصحفيين- مدينة الأحلام لما تسودها من حرية بعيدة المدى شاسعة الآفاق، حرية بالرأي وحرية بالقلم وحرية بالقول، وتمرد على القيم التي كانت تربطها بالكنيسة، وتمرد على تقاليد الكنيسة.. وقد تقدمت أوربا تقدمًا سريع الخطى في الجوانب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتعليمية، وما هذا إلا لسر دفين هو فصل الدين عن الدولة، وإخضاع إدارة الحياة الداخلية والخارجية، السياسية والأمنية لهيئة علمانية بعيدة كل البعد عن الدين.. وتوحي هذه الكتابات بأن كل مجتمع يريد أن يصل إلى ذروة التقدم وسنام النهضة عليه أن يخلع عن عنقه كل دين، وكل قيمة تربطه بالدين، فما المثل وما المبادئ إلا كلمات قديمة تسم صحابها بسمة الجمود والرجعية والتحجر.

وهكذا أصبحت الصحافة في معظم البلاد الإسلامية صوتًا ناطقًا لدعوات التغريب، وصورة مزركشة ملونة بأحلى الألوان لعالم عاجي مذهب يدعى "أوربا".

في مقال كتبه "ألمرد وغلاس" بعنوان "كيف انضم إلينا أطفال المسلمين في الجزائر" يعلق على هذه الوسائل فيقول: "إن هذه السبل لا تجعل الأطفال نصارى ولكنها لا تبقيهم مسلمين كآبائهم، ومثل هذه الجهود يبذلها المبشرون في شمال إفريقيا ومصر"٢.

ومما جاء في بروتوكولات صهيون: "ينبغي أن نتمكن من السيطرة على الصحافة ووكالات الأنباء وشركات النشر والإعلان والتوزيع والمطبعة وأدواتها


١ المصدر السابق: ٢/ ٢١٧.
٢ التبشير والاستعمار: ص١٩٤.

<<  <   >  >>