للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومدفوع غير واع، ومغرض غير نزيه، وإن دعوة التعصب للجنسية دعوة غريبة عن المبادئ الإسلامية وعن البلاد الإسلامية، ووافدة إليها من البلاد الأوربية.

لقد نشأت دعوة التعصب للجنس أول ما نشأت في بلاد أوربا في القرن التاسع عشر، واشتد دبيبها، وبلغ أثرها إلى كل الأمزجة حتى أصبحت عاملًا قويًّا من عوامل التغيير والانقلاب في القارة الأوربية، ولم يقتصر أثرها على موطن نشوئها وإنما انتشر وامتد إلى كل أنحاء المعمورة حتى غدا أكبر عامل في تطور الأمة ومصيرها١.

ويحدثنا التاريخ أن فكرة القومية قد دخلت إلى البلاد الإسلامية عن طريق جماعة الاتحاد والترقي وجمعية تركيا الفتاة، وكانا حزبين يتعاونان مع اليهود، ويعملان على تنفيذ خططهم الماكرة الحاقدة، وقد تأكد لدى المسلمين أن قادة الاتحاد والترقي جميعًا من اليهود من غير استثناء، وإن أعضاء هذا الحزب كلهم من يهود سالونيك، وعلى هذا فإن اليهود هم الذين سعوا جادين لإثارة النزعة الطورانية، والدعوة لها بشتى الوسائل والعمل على إحياء التاريخ الجاهلي المفضل عن التاريخ الإسلامي والأدب القومي والتراث الطوراني.

جاء في منشور لإحدى الجمعيات التركية الطورانية: "إن هذه البدعة الخيالية المخيفة التي يسمونها الأمة الإسلامية التي ظلت إلى أمد طويل سدًّا يحول دون التقدم بوجه عام ودون تحقيق الوحدة الطورانية بوجه خاص هي في طريقها الآن إلى التفكك والزوال"٢.

وقد أتمت المؤامرة اليهودية عملها في إثارة النزعة الطورانية، والدعوة إلى تبني سياسة التتريك، ودمج العناصر الحكومية في القومية التركية وفرض اللغة التركية عليها، وإبعاد اللغة العربية عن المجالات الرسمية.. وكانت الدولة العثمانية تجمع قوميات متعددة مؤتلفة معها بسبب عقيدة التوحيد، فإذا أبعد الدين الإسلامي وظهرت النزعة التركية العلمانية، وأبعدت لغة القرآن الكريم عن المكاتبات الحكومية، لم يبق رباط جامع يربط بين تلك القوميات المتعددة وبين


١ حاضر العالم الإسلامي: ص٢١٣.
٢ معالم الثقافة الإسلامية: ص١٤٢.

<<  <   >  >>