الفكر متقد المشاعر متيقظ القلب، وغاية كل مجتمع عاش في ظل الإسلام ونعم بعدالته ورحمته وتسامحه، وتمتع إخوانه برغد العيش، وعرف في حماه مدلول الأمن على النفس والشرف والمال، وذاق في رحابه طعم الحرية في أوسع معناها وفي شتى ميادينها: حرية الرأي والفكر والكلمة، حرية العقيدة والعبادة، حرية التعلم وممارسة العمل المشروع.
والتضامن في واقع الأمر عنوان القوة ومفتاح المجد، ومقدمة حصينة لكل فلاح ولكل نجاح في الشئون العامة والخاصة، والداخلية والخارجية. وهو قانون مهم من قوانين المجتمعات المتحضرة الراقية، وعنصر جوهري من عناصر الحياة السعيدة الملائمة للفطرة الإنسانية.
والتضامن الإسلامي لازم من لوازم عقيدة التوحيد، ودعامة من دعائمها. وإذا كانت الحاجة ماسة في كل وقت لتضامن المسلمين واجتماع كلمتهم واتحاد صفوفهم فهي أبرز ما تكون في هذا الوقت المعاصر، الذي تجمعت فيه قوى الشر والعدوان ضد المسلمين، يشير إلى هذا الوضع ما صح في دلائل النبوة عن النبي, صلى الله عليه وسلم:"توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟ قال:"لا، بل أنتم كثيرون ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن"، قال قائل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال:"حب الدنيا وكراهية الموت" ١.
فالظروف الحالية المحيطة بالمسلمين تفرض عليهم حتمية التضامن الإسلامي ووحدة الصف وإزالة الخلافات الجانبية، ذلك لأن العدو متربص بهم الدوائر، وهو يتخذ من تفرق كلمتهم ومن تمزق وحدتهم منفذًا لتحقيق أغراضه الدنيئة، وأفكاره الاستعمارية الخبيثة.
لقد استطاعت الصهيونية أن تلم شعثها من عوالم مختلفة، وآفاق متباعدة وأن تتفق مع الشيوعية الملحدة ومع الاستعمار الحاقد لتتخذ موطنًا لها في قلب البلاد العربية بعد أن اقتطعت هذا الجزء الغالي من الديار الإسلامية. ومن هذا الموطن يبيتون مؤامراتهم ويضعون خططهم لتمزيق الفكر الإسلامي وللقضاء على