وفي نص آخر يقول لليهود:" الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل، لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك"(يوحنا ٥/ ١٩).
والمسيح أيضاً لا يملك لنفسه - فضلاً عن غيره - نفعاً ولا ضراً إلا أن يتغمده الله برحمته، وقد كان، إذ لما جاءته أم ابني زبدي وكانا من تلاميذه " فسألها ما تريدين؟ قالت: أن يجلس ابناي هذان، واحد عن يمينك، والآخر عن اليسار في ملكوتك. فأجاب يسوع ... وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعدّ لهم من أبي "(متى ٢٠/ ٢٠ - ٢٢).
كما وقد وصف الكتاب المسيح بصفة العبودية في مواضع عدة، ومن ذلك ما جاء في متى في وصف المسيح "هو ذا عبدي"(متى ١٢/ ١٨)، وفي سفر أعمال الرسل "قد مجد عبده يسوع .. القدوس البار"(أعمال ٣/ ١٣ - ١٤)، "فإليكم أولاً أرسل الله عبده"(أعمال ٣/ ٢٦)، وفي موضع آخر:"عبدك القديس يسوع "(أعمال ٤/ ٣٠).
وقد استبدلت لفظة (عبد) في بعض التراجم العربية الحديثة بكلمة "فتى" الموهمة للعبودية أو البنوة، وذلك في ترجمة الفانديك المشهورة، بينما استخدم الآباء اليسوعيون كلمة "عبد"، وهو كذلك في اللغات العالمية، فالتراجم الإنجليزية تستخدم كلمة ( servant) .
وكتوضيح لهذا الصنيع الموهم ننقل قول متى:"لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل: هوذا فتاي الذي اخترته، حبيبي الذي سرّت به نفسي، أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق"(متى ١٢/ ١٧ - ١٨)، فاستخدم كلمة (فتى)، فيما استخدم سفر إشعيا الذي نقل منه متى كلمة (عبد)، فيقول:"هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سرّت به نفسي، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم"(إشعيا ٤٢/ ١).