يعتقد النصارى أن الله تجسد في المسيح، ويحتجون لذلك بقول يوحنا:"والكلمة صار جسداً، وحل بيننا"(يوحنا ١/ ١٤).
ولفهم هذا النص نقرأ ما يقوله محققو الرهبانية اليسوعية تعليقاً على الحكمة المتجسدة المذكورة في (الأمثال ٨/ ٢٢): "إن فكرة الحكمة المجسدة، وهو مجرد فن أدبي في مثل (الأمثال ١٤/ ١)، قد تطورت في إسرائيل ابتداء من زمن الجلاء، حين لم يبق تعدد الآلهة مهدداً الدين القويم .. ففي جميع هذه النصوص التي تجسد فيها الحكمة أو الكلمة أو الروح؛ يصعب علينا أن نميز بين ما هو فن شعري، وما هو تعبير عن مفاهيم دينية قديمة، وما هو شعور بوحي جديد".
وهكذا، فنص تجسد الكلمة يحتمل أن يكون مجرد استعارة فنية أدبية، لا تختلف عن تجسيد الحكمة، حين خرجت "الحكمة تنادي في الخارج، في الشوارع تعطي صوتها، تدعو في رؤوس الأسواق"(الأمثال ١/ ٢٠ - ٢١)، ومثله تجسيد الجهل بامرأة صخابة خادعة (الأمثال ٩/ ١٣ - ١٨)(١).
وقد تساءل المحققون - في هذا الصدد - عن سبب تجسد الابن دون الآب أو روح القدس؟ وتساءلوا لم كان التجسد الإلهي على صورة بشر؟ ما ضرورته؟ لماذا نزل الابن من عليائه ليدخل جوف امرأة ثم يخرج من فرجها؟ لم كان هذا كله؟
اجتهد رجال الكهنوت في الإجابة عن هذه الأسئلة، ولما لم يجدوا لها إجابة في ثنايا كتابهم أعملوا عقولهم، فصدرت عنهم أقوال مختلفة، كلٌ بحسب ما أداه إليه عقله،
(١) وقد تكرر تجسيد المعاني في الكثير من النصوص الكتابية (انظر: ابن سيراخ ٤/ ١١، الأمثال ٩/ ١ - ٦، ٢٣/ ٢٣، وغيرها).