للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد أضحت واحدة، وعليه لا يصح الفهم الظاهري السطحي لقوله: "يكون الاثنان جسداً واحداً، إذاً ليسا بعدُ اثنين، بل جسد واحد" (متى ١٩/ ٥)، ومثله أيضاً لا يصح الفهم الظاهري لقول لابان ليعقوب ابن أخته: "إنما أنت عظمي ولحمي" (التكوين ٢٩/ ١٤)، بل المراد بيان المحبة والوحدة المجازية فحسب.

ومن النصوص التي تفيد وحدة الهدف والغاية بين التلاميذ؛ مع استعارتها للفظ يدل ظاهره على وحدة الجسد، وليس هذا الظاهر مقصوداً ولا صحيحاً، وذلك في قوله: " هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضاً لبعض" (رومية ١٢/ ٥)، ونحوه في قوله: "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح" (كورنثوس (١) ٦/ ١٥)، (وانظر صموئيل (٢) ١٩/ ١٢، كورنثوس (١) ١٢/ ٢٧)، (أفسس ٢/ ١٤). وغير ذلك من أمثلة وحدة المشيئة والهدف والمحبة، لا الذات، التي تماثل قول المسيح: "أنا والآب واحد".

ومثل هذا الاستخدام للوحدة المجازية، وحدة الهدف والمشيئة ورد في القرآن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير أن يفهم منه أحد من المسلمين الوحدة الحقيقية، وحدة الذات، وذلك في قوله تعالى، وهو يخاطب نبيه: {إنّ الّذين يبايعونك إنّما يبايعون الله} (الفتح: ١٠)، فلم يقل أحد من المسلمين أن الله ونبيه ذات واحدة كما صنع النصارى في قول المسيح: "أنا والآب واحد".

[ب. قول المسيح: "الذي رآني فقد رأى الآب"]

ومن أهم ما يستدل به النصارى على ألوهية المسيح - عليه السلام - قوله: "الذي رآني فقد رأى الآب" (يوحنا ١٤/ ٩)، إذ فهموا منه أن الله الآب هو المسيح، وأن رؤية المسيح هي بالحقيقة رؤية لله عز وجل.

<<  <   >  >>