وهكذا نرى أن الوثنية في النصرانية والشرك في عباداتها وتصوراتها لم يكن محصوراً في عبادة المسيح والروح القدس، بل انضاف إليه الكثير من ضروب الوثنية والشرك، والتي تتوعد الأسفار المقدسة فاعلها بأليم العقاب الذي لم تبال فيه الكنيسة حين عمدت بقراراتها إلى مخالفة ما جاء في الناموس من وصايا، ففي التوراة:" لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة ما، مّما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض"(الخروج ٢٠/ ٤).
كما قد توعدت التوراة باللعن أولئك الذين يصنعون التماثيل " فيصرخ اللاويون، ويقولون لجميع قوم إسرائيل بصوت عال: ملعون الإنسان الذي يصنع تمثالاً منحوتاً أو مسبوكاً رجساً لدى الرب عمل يدي نحات، ويضعه في الخفاء. ويجيب جميع الشعب ويقولون: آمين"(التثنية ٢٧/ ١٤ - ١٥)، (وانظر ٤/ ١٥ - ٢٤).
ثالثاً: العشاء الرباني
تؤمن الكنائس المسيحية عامة بسر العشاء الرباني، وتسميه بأسماء كثيرة منها (الأفخارستيا) أي الشكر و (الليتورجيا) أي الخدمة، وتختلف في فاعليته.
وتستند المسيحية في إقرار هذه الشريعة إلى العشاء الذي تناوله المسيح مع تلاميذه قبيل حادثة الصلب، فقد قال لهم وهو يناولهم الخبز:"هذا هو جسدي"، ولما ناولهم الخمر قال:"هذا هو دمي"(مرقس ١٤/ ٢٢ - ٢٤).
ويذكر يوحنا أن المسيح قال لتلاميذه في مطلع خدمته:" من يأكل هذا الخبز النازل من السماء لا يموت، أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء: والخبز الذي أعطيه هو جسدي: الحق الحق أقول لكم: إن كنتم لا تأكلون جسد ابن الإنسان ولا تشربون دمه، فلن تكون فيكم الحياة، ولكن من أكل جسدي وشرب دمي فله الحياة الأبدية ... "(يوحنا ٦/ ٥٠ - ٥٤).