القديسين سيدينون الملائكة والعالم، وهم ليسوا آلهة، فدل ذلك على أن الدينونة لا تصلح دليلاً على الألوهية، إلا إذا قيل بأن الجميع (المسيح وبولس والقديسين) آلهة.
ولا يفوتنا أن ننبه إلى أن دينونة المسيح للبشر - إن صحت - قد دفعها الله للمسيح الإنسان، فهو يصنعها بمقتضى إنسانيته " وأعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً، لأنه ابن الإنسان "(يوحنا ٥/ ٢٧).
[ج. غفران المسيح الذنوب]
ومما يستدل به النصارى على ألوهية المسيح - عليه السلام - ما نقلته الأناجيل من غفران ذنب المفلوج والخاطئة على يديه، والمغفرة - كما يرون - من خصائص الألوهية، وعليه فالمسيح إله يغفر الذنوب، فقد قال للخاطئة مريم المجدلية:"مغفورة لك خطاياك "(لوقا ٧/ ٤٨)، كما قال للمفلوج:" ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك "، وقد اتهمه اليهود لما سمعوا ذلك منه بالتجديف فقالوا:" قالوا في أنفسهم: هذا يجدّف "(متى ٩/ ٣)، أي أنه يدعي الإلهية حين يغفر للناس.
لكنا إذا رجعنا إلى قصتي الخاطئة والمفلوج فإنا سنرى وبوضوح أن المسيح - عليه السلام - ليس هو من غفر ذنبيهما، ففي قصة المرأة لما شكّ الناس بالمسيح وكيف قال لها:"مغفورة خطاياك"، وهو مجرد بشر، أزال المسيح - عليه السلام - اللبس، وأخبر المرأة أن إيمانها هو الذي خلصها، ويجدر أن ننبه إلى أن المسيح لم يدع أنه هو الذي غفر ذنبها، بل أخبر أن ذنبها قد غُفر، والذي غفره - بالطبع - هو الله تعالى.
والقصة بتمامها كما أوردها لوقا:"وأما هي فقد دهنت بالطيب رجليّ، من أجل ذلك أقول لك: قد غُفرت خطاياها الكثيرة، لأنها أحبت كثيراً، والذي يغفر له قليل يحب قليلاً، ثم قال لها: مغفورة لك خطاياك، فابتدأ المتكئون معه يقولون في أنفسهم: من هذا الذي يغفر خطايا أيضاً؟! فقال للمرأة: إيمانك قد خلّصك، اذهبي بسلام"