الضرب الثاني: هو النصوص التي تحدثت عن أحوال المسيح - عليه السلام - البشرية التي يشترك فيها مع سائر الناس من طعام وشراب وعبادة لله وتذلل و ....
درس المحققون سيرة المسيح - عليه السلام - كما عرضتها الأناجيل - منذ بشارة أمه إلى حمله، وولادته في المزود، ثم لفّه بالخرق، ثم ختانه، ومن ثم نشأته وتعليمه مع الصبيان، ثم تعميده على يد المعمدان إلى أن ذكروا نهايته المزعومة على الصليب بعد أن جزع وتذلل لله ليصرف عنه هذا الأمر ... فوجدوا أن المسيح لا يفرق في شيء عن سائر الناس، فقد ولد وكبر، وأكل وشرب، ومات. فما الذي يميزه بالألوهية عن غيره؟
فقد ولد من فرج امرأة متلبطاً بدمها "وبينما هما هناك تمّت أيامها لتلد"(لوقا ٢/ ٦).
ورضع من ثدييها "وفيما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي حملك، والثديين اللذين رضعتهما"(لوقا ١١/ ١٧)، فهل علمت مريم أن طفلها الخارج من رحمها والذي كانت تتولى كافة شئونه من نظافة وتربية ورضاع، هل كانت تعلم ألوهيته، أم جهلت ما علمه النصارى بعد ذلك؟ (١).
وقد ختن المسيح - عليه السلام - في ثامن أيام ولادته "ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع"(لوقا ٢/ ٢١) فهل دار في خلد الذي كان الذي يختنه أنه يختن إلهاً؟ وماذا عن القطعة التي بانت منه؟ هل غادرتها الإلهية بانفصالها عن الإله المتجسد؟ أم بقيت فيها الإلهية حيث ضاعت أو دفنت؟
(١) لئن كنا نرى أن أم المسيح لم تعرف شيئاً عن ألوهية ابنها؛ فإن القس سمعان كلهون يوافقنا على هذا، بل لا يتوقف عند هذا، إذ يتطاول على مقام المسيح وأمه، ويرى أن أم المسيح وعائلته "قد ظنوا يسوع مختلاً"، وحاشا للعذراء البتول أن تظن بابنها العظيم مثل ذلك. انظر: اتفاق البشيرين، القس سمعان كلهون، ص (٢١٤).