ويرى النصارى أن بعض النصوص المقدسة تفيد حلولاً إلهياً في عيسى - عليه السلام -، منها قوله:"لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ، وأنا فيه"(يوحنا ١٠/ ٣٨)، وفي موضع آخر:"الذي رآني فقد رأى الآب ... الآب الحال فيّ "(يوحنا ١٤/ ٩ - ١٠)، ويبقى أقوى أدلة النصارى على ألوهية المسيح قوله:"أنا والآب واحد"(يوحنا ١٠/ ٣٠).
فهذه النصوص أفادت - حسب قول النصارى - أن المسيح هو الله، أو أن لله حلولاً حقيقياً فيه.
[حلول الله المجازي على مخلوقاته]
وقد تتبع المحققون هذه النصوص، فأبطلوا استدلال النصارى بها، وبينوا سوء فهمهم لها.
فأما ما جاء من ألفاظ دلت على أن المسيح قد حلّ فيه الله - على ما فهمه النصارى - فإن فهمهم لها مغلوط. ذلك أن المراد بالحلول حلول مجازي كما جاء في حق غيره بلا خلاف، ونقول مثله في مسألة الحلول في المسيح.
فالله - حسب الكتاب المقدس- يحل في كثيرين، أي حلول المواهب الإلهية، لا حلول الذات العلية التي تتن الحلول في المخلوقات المحدودة، فقد جاء في رسالة يوحنا "من اعترف بأن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه، وهو في الله، ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه"(يوحنا (١) ٤/ ١٥ - ١٦)، فحلول الله في الذين اعترفوا بالمسيح ليس بحلول ذوات، وإلا كانوا جميعاً آلهة.