للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويظهر في هذه الفرقة أثر العقائد المنحرفة الطاغية حينذاك، إذ لا يخلو قولهم في المسيح من شيء من الغلو في المسيح عليه السلام.

ثانياً: التوحيد فيما بعد مجمع نيقية

أ. الأريوسية

في عام ٣٢٥م صدر أول قرار رسمي يؤله المسيح بعد تبني الامبرطور الوثني قسطنطين لهذا الرأي، ورفض ما سواه، واعتبر آريوس- الذي عقد المجمع من أجله - هرطوقياً.

وآريوس من رهبان الكنيسة المصرية، وكان يقول: "إن الابن ليس مساوياً للأب في الأزلية، وليس من جوهره، وقد كان الأب في الصل (١) وحيداً، فأخرج الابن من العدم بإرادته، والآب لا يمكن أن يراه أو يكيفه أحد، ولا حتى الابن، لأن الذي له بداية لا يعرف الأزلي، والابن إله بحصوله على لاهوت مكتسب" (٢).

وقد توفي آريوس ٣٣٦م، لكن دعوته انتشرت بعد وفاته، وأصبحت كما يقول الأستاذ حسني الأطير في كتابه الماتع "عقائد الفرق الموحدة في النصرانية": "أوشك العالم أن يكون كله أريوسياً - حسب قول الخصوم - لولا تدخل الأباطرة في العمل على ضرب تلك العقيدة واستئصال تبعيتها".

ويقول أسد رستم في كتابه "كنيسة مدينة الله العظمى": "كان آريوس فيما يظهر عالماً زاهداً متقشفاً يجيد الوعظ والإرشاد، فالتف حوله عدد من المؤمنين، وانضم إليه


(١) كلمة عبرية مشتق معناها من الظل، والمراد من النص أنه كان معه قبل بداية الخلق، حيث لم يكن نور ولا حياة. انظر: قاموس الكتاب المقدس، ص (٥٤٦).
(٢) تاريخ الكنيسة القبطية، منسى يوحنا، ص (٢٥٣).

<<  <   >  >>