لكن هذه الأقوال صدرت عن بولس الذي لم يشرف برؤية المسيح - عليه السلام - ولا التلمذة على يديه، ولا نرى مثل هذه العبارات عند أحد من تلاميذ المسيح وحوارييه، وهذا كاف لإضفاء ظلال الشك والارتياب عليها.
ثم إن الصورة تغاير الذات، وصورة الله هنا تعني نائبه في إبلاغ شريعته أو في القيام بشريعته، كما قال بولس في موضع آخر عن الرجل: " فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه، لكونه صورة الله ومجده، وأما المرأة فهي مجد الرجل" (كورنثوس (١) ١١/ ٧)، ومعناه أن الله أناب الرجل في سلطانه على المرأة.
كما أن كون المسيح على صورة الله لا يمكن أن يستدل به على ألوهيته، فإن آدم - وفق الكتاب المقدس - يشارك الله في هذه الصورة، فقد جاء في سفر التكوين عن خلقه: "قال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ... فخلق الإله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه" (التكوين ١/ ٢٦ - ٢٧).
فإن أصر النصارى على الجمع بين الصورة وألوهية المسيح فإن في الأسفار ما يخطئهم، فقد جاء في إشعيا "اجتمعوا يا كل الأمم ... لكي تعرفوا وتؤمنوا بي ... قبلي لم يصور إله، وبعدي لا يكون، أنا أنا الرب، وليس غيري مخلص" (إشعيا ٤٣/ ٩ - ١١).
[هـ. السجود للمسيح]
وتتحدث الأناجيل عن سجود بعض معاصري المسيح له، ويرون في سجودهم له دليل ألوهيته واستحقاقه للعبادة، فقد سجد له أب الفتاة النازفة "فيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيس قد جاء، فسجد له " (متى ٩/ ١٨)، كما سجد له الأبرص "إذا أبرص قد جاء وسجد له " (متى ٨/ ٢)، وسجد له المجوس في طفولته " فخروا وسجدوا له،