٨/ ٢٩)، ولم يذكر البنوة، وفي لوقا:"فأجاب بطرس، وقال: مسيح الله"(لوقا ٩/ ٢٠).
وبذلك يكون متى قد خالف مرقس وهو ينقل عنه، كما لا يمكن قبول ما جاء في متى لفقد أصله العبراني، فلا نعلم مدى الدقة التي التزمها المترجم في ترجمة العبارة (١).
وبالعموم فإنا لو افترضنا أن إجابة بطرس هي ما ذكره متى أي " أنت هو المسيح ابن الله الحي"، فإن هذا ليس فيه أي دعوى للألوهية، بل هو مطابق لقول سفر هوشع عن بني إسرائيل:"يكون عدد بني اسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال ولا يعدّ، ويكون عوضاً عن أن يقال لهم: لستم شعبي؛ يقال لهم: أبناء الله الحي"(هوشع ١/ ١٠)، فكما دعي شعب إسرائيل في التوراة بأنهم أبناء الله الحي؛ فإن بطرس يدعو المسيح ابن الله الحي، سواء بسواء.
[بولس والتثليث]
دأب الكثير من الكُتاب على اتهام بولس بوضع التثليث في النصرانية من غير أن يقدموا على ذلك دليلاً من أقوال بولس، مكتفين بما عرف عن دور بولس في صياغة سائر المعتقدات النصرانية، وهذا الاتهام لا أراه محقاً، إذ خلت رسائل بولس من تأليه الروح القدس، كما خلت من ذكر عناصر التثليث مجتمعة إلا في نص واحد، لا يفهم منه خالي الذهن ما يعتقده النصارى من التثليث، وقد جاء ذلك في قوله:"نعمة ربنا يسوع ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم"(كورنثوس (٢) ١٣/ ١٤)، فليس في النص ما يفيد ألوهية الروح القدس، ولا أن الثلاثة المذكوين هم واحد.
ومما يؤكد غفلة بولس عن التثليث التأمل في ترتيب عناصر التثليث المذكورين في
(١) انظر: عقائد النصارى الموحدين بين الإسلام والمسيحية، حسني الأطير، ص (٢٠٤ - ٢٠٦).