تؤمن الفرق النصرانية (١) - رغم اختلافها في طبيعة المسيح - بأن المسيح إله متجسد، وتؤيد دعواها بعشرات النصوص التي وردت في العهد الجديد - وأحياناً - القديم، ويرونها تتحدث عن إلهيته حين سمته رباً وإلهاً أو وسمتْه بـ (ابن لله)، بينما أفادت نصوص أخرى في الكتاب أن الله حل فيه، وأضافت نصوص أخرى إليه القيام بأفعال الله كغفران الذنوب وخلق المخلوقات، ثم كان من أعظم أدلة ألوهيته ما ظهر على يديه من معجزات إلهية كإخباره ببعض الغيب وإحيائه الموتى ...
[مدخل إلى مناقشة أدلة النصارى على ألوهية المسيح]
وقبل أن نبدأ بمناقشة أدلة النصارى، فإنا نسجل ملاحظات هامة في هذا الباب:
- أنه لا يوجد نص واحد في الكتاب المقدس يصرح فيه المسيح بألوهيته أو يطلب من الناس عبادته، كما لم يعبده أحد من معاصريه، ولم ينظر إليه هؤلاء إلا كمدع للنبوة، آمن به بعضهم، وكفر بنبوته الأكثرون من اليهود، لكن دعوى ألوهيته لا أساس لها في الكتاب المقدس أو على الأقل في أقوال المسيح وتلاميذه، وفي هذا الصدد تحدى العلامة أحمد ديدات كبيرَ قساوسة السويد في مناظرتهما المتلفزة قائلاً:"أضع رأسي تحت مقصلة لو أطلعتموني على نص واحد قال فيه عيسى عن نفسه: أنا إله. أو قال: اعبدوني"، وهيهات أن يجدوه.
والقس فندر يقول في كتابه "مفتاح الأسرار" مبرراً عدم تصريح المسيح بألوهيته في العهد الجديد: "ما كان أحد يقدر على فهم هذه العلاقة والوحدانية قبل قيامه
(١) ولابد لنا أن نستثني هنا فرقة شهود يهوه وبعض الكنائس الموحدة، فإن هؤلاء رفضوا القول بألوهية المسيح والتثليث، رغم إيمانهم بقدسية الكتاب المقدس، لكنهم لم يجدوا فيه دليلاً ينهض لإثبات هذه العقيدة التي اخترعتها المجامع، فرفضوها.