الضرب الرابع: النصوص التي شهدت للمسيح بالنبوة، وإثبات النبوة والرسالة له مبطل للألوهية.
فقد شهد له معاصروه بالنبوة والرسالة، والتي هي صفة البشر، لا الإله، ومن هذه النصوص قوله:" أنتم تدعونني معلّماً وسيّداً، وحسناً تقولون، لأني أنا كذلك"(يوحنا ١٣/ ١٣)، فقد أكد المسيح صحة اعتقاد التلاميذ به، إنهم يرونه معلماً وسيداً لهم، وقد شاع تسميته عندهم بالمعلم، "وقال له: يا معلم "(مرقس ١٠/ ٢٠)، أفكان من حسن الأدب أن يترك التلاميذ نداءه بالألوهية وأن ينادوه بهذا النداء المتواضع: معلم.
وقد بدأت نبوته، وهو في سن الثلاثين "ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة "(لوقا ٣/ ٢٣)، وقد كان ثمة وقت لم ينزل عليه الروح القدس "لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مجّد بعد"(يوحنا ٧/ ٣٩).
وشهد المسيح - عليه السلام - لربه بالوحدانية، ولنفسه بالرسالة، فقال:" أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته "(يوحنا ١٧/ ٣).
ونحوه قوله عن نفسه:" فكانوا يعثرون به، وأما يسوع فقال لهم: ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته"(متى ١٣/ ٥٧)، فاعتبر نفسه كسائر الأنبياء، لا يعرف أقوامهم لهم قدرهم ومنزلتهم.
ولما خوفه الفريسيون من هيرودس قال لهم:" ينبغي أن أسير اليوم وغداً وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً عن أورشليم. يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين"(لوقا ١٣/ ٣٣ - ٣٤)، فشهد لنفسه بالنبوة، وخاف على نفسه القتل في أورشليم التي اعتاد اليهود على قتل الأنبياء فيها، فالأنبياء لا يقتلون إلا في أورشليم " لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً عن أورشليم "، وهو نبي يخشى على نفسه ويؤثِر النجاة، فالتمس أسبابها بالخروج من أورشليم "قاتلة الأنبياء".