ومثل هذا الاستخدام وقع من يوحنا حين تحدث عن أولاد الله المؤمنين، فقال:"وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله. أي المؤمنون باسمه"(يوحنا ١/ ١٢)، وهذا التفسير المهم للبنوة "أي المؤمنون باسمه" أزعج طابعي الكتاب المقدس، فحذفه الكثير منهم من طبعات الكتاب المقدس الحديثة، كالرهبانية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة والأخبار السارة.
ومثل هذا المعنى للبنوة نفهمه من كلام بولس:"كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله"(رومية ٨/ ١٤)، وهو مفهوم شائع ومعهود في الكتب المقدسة التي تحدثت عن أبناء الشيطان، وأبناء الدهر (الدنيا) .. (انظر يوحنا ٨/ ٤٤، لوقا ١٦/ ٨).
هل ادعى المسيح بنوة حقيقة تجعله معادلاً لله؟
ومما يحتج به النصارى على ألوهية المسيح زعمهم أنه جعل نفسه معادلاً لله، فقد قال يوحنا:"كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه، لأنه لم ينقض السبت فقط؛ بل قال أيضاً أن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله"(يوحنا ٥/ ١٨)، ولا ريب أن بتر النص وعرضه بهذه الطريقة يجعله دليلاً ينطلي على البسطاء، فكلام يوحنا المبتور من سياقه يشير إلى أن المسيح جعل نفسه معادلاً لله، وهذا غير صحيح.
ولفهم النص نعود إلى السياق، حيث شفى المسيح مريضاً في يوم السبت، وهو ما اعتبره اليهود نقضاً للسبت، فـ "كان اليهود يطردون يسوع، ويطلبون أن يقتلوه، لأنه عمل هذا في سبت"(يوحنا ٥/ ١٦)، لكن المسيح برر لهم عمله في السبت "فأجابهم يسوع: أبي يعمل حتى الآن، وأنا أعمل"(يوحنا ٥/ ١٧)، أي كما الله يعمل في سائر الأيام؛ أنا كذلك أصنع الخير.
لكن اليهود وهم يريدون أن يثيروا مشكلة مع المسيح؛ اعتبروا قوله:"أبي يعمل" تعظيماً لنفسه وادعاءً للبنوة الحقيقية، فهذا القول (البنوة) - المعهود على المعنى المجازي لديهم - اعتبروه من المسيح كفراً وتجديفاً، وأن معناه أنه "معادلاً نفسه بالله"، فزاد