للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدد كبير من رجال الاكليروس".

ويؤكد كثرة الأريوسيين المؤرخ ابن البطريق، وينقل أن أكثر أهل مصر كانوا أريوسيين، بل يقول القس جيمس أنِس: "فإن التاريخ يروي كيف أن الكنيسة المنظورة وقادتها أخطأوا وانحرفوا عن الحق، منها قبول أغلب الأساقفة ضلالة آريوس" (١).

ومما يؤكد قوة مذهب آريوس إبان حياته وبعد موته، أن الكنيسة عقدت مجامع عدة لبحث عقيدته، كما كان لآريوس وأتباعه مجامع منها، مجمع قيسارية ٣٣٤م، وصور ٣٣٥م، وقد قرر المجتمعون في مجمع صور عزل أثناسيوس البابا - الداعي لألوهية المسيح والذي كتبت أمانة النصارى بإشرافه في مجمع نيقية-كما نفوه إلى فرنسا، ثم عقدوا مجمعاً آخر في إنطاكية عام ٣٤١م حضره سبع وتسعون أسقفاً أريوسياً، قرروا فيه مجموعة من القوانين التي تتفق مع مبادئهم ومعتقداتهم.

إن كثرة الأريوسيين وقوتهم جعلت البابا أثناسيوس - داعية تاليه المسيح - يبدو وحيداً، حتى "قيل له مرة: العالم كله أصبح ضدك يا أثناسيوس ... ثم عرف في الغرب بهذا اللقب Athanasius contra mundum أثناسيوس المضاد للعالم" (٢).

ويقول الأنبا غريغوريوس: "كاد الإيمان في لاهوت المسيح أن يفنى لو لم يهب الله للكنيسة (القديس) أثناسيوس الرسولي، فقد كان له من صفات الثبات والصمود والعناد في الحق ما كفل له الانتصار الحاسم على أكبر بدعة كادت أن تمحو كيان الكنيسة المسيحية من كل الأرض .. وقد أنصف من دعاه من المؤرخين بمؤسس المسيحية الثاني" (٣).

ثم أعاد الامبرطور الروماني الأسقف أثناسيوس إلى كرسي البابوية، فاحتج


(١) علم اللاهوت النظامي، جيمس أنس، ص (٥٦).
(٢) موسوعة الأنبا غريغوريوس (اللاهوت المقارن)، ص (٢٥٢).
(٣) المصدر السابق، ص (٧٣).

<<  <   >  >>