(لوقا ٧/ ٤٦ - ٥٠)، فقد غفر الله لها بإيمانها، والمسيح أخبرها برحمة الله التي وسعتها، وأفهم الحاضرين بوضوح أنه لم يجدف ولم يدعِّ لنفسه مغفرة الخطايا.
وكذلك لم يدع المسيح في قصة المفلوج أنه غفار الذنوب، فقد قال للمفلوج:"ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك" فأخبر بتحقق الغفران، ولم يقل: إنه هو الغافر لذنوب المفلوج، لم يقل:"غفرتُ لك ذنوبك".
ولما أخطأ فهم اليهود، ودار في خلدهم أنه يجدف حين قال:"مغفورة لك خطاياك"، وبخهم المسيح على الشر الذي في أفكارهم، وصحح لهم الأمر، وشرح لهم أن هذا الغفران ليس من فعل نفسه، بل هو من سلطان الله، لكن الله أذن له بذلك، كما سائر المعجزات والعجائب التي كان يصنعها، وقد فهموا منه المراد، وزال اللبس من صدورهم، "فلما رأى الجموع تعجبوا، ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا "، لقد تيقنوا أنه إنسان فحسب.
والقصة بتمامها كما أوردها متى تقول:" قال للمفلوج: ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك، وإذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم: هذا يجدّف، فعلم يسوع أفكارهم فقال: لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم؟ أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال قم وامش؟ ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمفلوج: قم احمل فراشك، واذهب إلى بيتك، فقام ومضى إلى بيته، فلما رأى الجموع تعجبوا، ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا"(متى ٩/ ٣ - ٨).
وهذا السلطان ليس خصيصة ذاتية من خصائص المسيح، بل هو سلطان دُفع إليه من الله الذي خصه بهذه المزية:"التفت إلى تلاميذه وقال: كل شيء قد دفع إليّ من أبي"(لوقا ١٠/ ٢٢)، وإلا فهو لا حول له ولا قوة، قد قال في موضع آخر:"دفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض"(متى ٢٨/ ١٨).