فهذا ليس سلطانه الشخصي، بل قد دُفع إليه من الله، ولو كان إلهاً لكان هذا من خصائصه وقدراته الذاتية، لكنه يعجز عنه عليه الصلاة والسلام إلا بعون الله ومدده، لأنه عبد الله الذي يقول عن نفسه:"أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً"(يوحنا ٥/ ٣٠)، فلولا دفع الله بهذا السلطان إليه لما قدر على غفران ذنب أو خطيئة.
وسأل اليهود المسيح - عليه السلام - "وكلموه قائلين: قل لنا: بأي سلطان تفعل هذا؟ أو من هو الذي أعطاك هذا السلطان؟ " فلم يزعم المسيح عليه السلام أن سلطان ذاتي امتلكه بموجب لاهوته الأزلي، بل سألهم عن السلطان الذي كان ليوحنا المعمدان في معمودية غفران الذنوب، من أين هو؟ فقال:"قولوا لي: معمودية يوحنا المعمدان، من السماء كانت أم من الناس؟ "(لوقا ٢٠/ ٢ - ٤)، أي أنه يصنع الغفران وغيره بذات السلطان الذي كان للمعمدان، إنه سلطان النبوة فحسب.
وسلطان غفران الخطايا دُفع أيضاً إلى غير المسيح - عليه السلام -، فقد دُفع إلى التلاميذ من غير أن يصيروا آلهة، على الرغم من أنه أصبح بمقدورهم غفران الذنوب التي تتعلق بحقوقهم الشخصية، بل وكل الذنوب والخطايا، فأما مغفرتهم للذنوب المتعلقة بحقوقهم الشخصية فيقول عنه المسيح:"إن غفرتم للناس زلاتهم؛ يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي، وإن لم تغفروا للناس زلاتهم؛ لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم"(متى ٦/ ١٤ - ١٥).
لكن يوحنا يعطي التلاميذ صكاً مفتوحاً في غفران أي ذنب وخطيئة:"من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت "(يوحنا ٢٠/ ٢٣)، فهُم يغفرون الذنوب كالمسيح عليه السلام، ومع ذلك فإن أحداً من النصارى لا يقول بألوهيتهم!
وقد ورَّثت الكنيسة نفسها مجد بطرس والتلاميذ، وادعت نوال هذا السلطان، فأصبح القسس يغفرون للخاطئين عن طريق الاعتراف أو صكوك الغفران، واعتمدوا في إقرار ذلك على وراثتهم للسلطان الذي دفع لبطرس "أنت بطرس ... وأعطيك مفاتيح