- جهل أمه العذراء البتول بألوهيته، إذ لما كان المسيح راجعاً مع والدته ويوسف النجار حصل ما يدل على جهل والدته بمقامه، فإن جهلت والدته الطاهرة ألوهيته، فمن ذا الذي يعلمها، فقد جاء في لوقا:"وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم، ويوسف وأمه لم يعلما، إذ ظناه بين الرفقة، ذهبا مسيرة يوم، وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف، ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه، وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل بين المعلمين يسمعهم ويسألهم ... يا بني لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين "(لوقا ٢/ ٤١ - ٤٨)، فلو كانت مريم تعلم أن ابنها هو الله أو ابنه لما كان لهذا الخوف على المسيح أي معنى.
ويجيب المسيح سؤال أمه ويوسف النجار بقوله:" لماذا كنتما تطلبانني! ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي"، فهل فهمت البتول وزوجها من جوابه بأنه يتحدث عن ألوهيته وبنوته الحقيقية للآب؟ بالطبع: لا، فهما لا يعرفان شيئاً عن هذا المعتقد الغريب. يقول لوقا:" فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما"(لوقا ٢/ ٥٠).
وفي مرة أخرى سمعت مريم البتول ورأت فرح سمعان الأورشليمي وهو يحمل وليدها، ويحمد الله على أن عينيه قد اكتحلتا برؤية المعزي المخلص، لكنها والنجار لم تفهمان ما يقوله، فاكتفيا بعلامات العجب وأمارات الاستغراب، يقول لوقا:"وكان يوسف وأمه يتعجبان مما قيل فيه"(لوقا ٢/ ٣٣).
ويذكر يوحنا أن المسيح لما صلب ذهبت والدته لتذرف عليه الدمع. (انظر يوحنا ١٩/ ٢٥)، أفلم تكن تعلم حين ذاك أن ولدها هو الله أو ابنه، وأن الموت لا يضيره؟