قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} (آل عمران: ٧)(١).
والآية - التي اجتزؤوا منها ما تعلقوا به - تظهر بطلان استدلالهم بتمامها {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً - لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً}(النساء: ١٧١ - ١٧٢)، فتلحظ أن أول الآية وآخرها يكذب النصارى في استدلالهم، ويصرح بعبودية المسيح لله تبارك وتعالى.
والمسيح - عليه السلام - كلمة الله لأنه خلق بكلمة الله، فهو كلمة الله المخلوقة، وليس كلمة الله الخالقة، التي هي أمر التكوين (كن)، وهذا ما ذكره وبيَّنه القرآن الكريم، حين شبه خلق المسيح ووجوده بخلق آدم {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون}(آل عمران: ٥٩).
ومما يؤكد أن مقصود القرآن بالكلمة؛ كلمة الله التي كانت سبباً بوجوده، لا المعنى الفلسفي الذي يزعمه النصارى (اللوغس) قوله تعالى في الآية السابقة: {إن الله يبشرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم}(آل عمران: ٤٥)، فهو كلمة من الله، وليس صفة الله الأزلية.
ولذلك لما بشر الله زكريا عليه السلام بمجيء يحيى وصفه بأنه يصدق بكلمة من الله،