وعليه فهؤلاء جميعاً - بما فيهم بطرس - لا يعلمون شيئاً عن نص متى الذي يأمر بتعميد الأمم باسم الآب والابن والروح القدس، لماذا؟ لأن المسيح لم يقله، وهم لم يسمعوه، ولو كان المسيح قاله لما احتاج فعل بطرس إلى عتاب وملامة.
وأيضاً، اتفق التلاميذ مع بولس على أن يدعو الأمميين، بينما هم يدعون أهل الختان أي اليهود، يقول بولس:"رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة (الأمم) كما بطرس على إنجيل الختان ... أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان"(غلاطية ٢/ ٧ - ٩)، فكيف لهم أن يخالفوا أمر المسيح - لو كان صحيحاً نص متى - ويقعدوا عن دعوة الأمم وتعميدهم باسم الثالوث، ثم يتركوا ذلك لبولس وبرنابا فقط؟
فكل هذه الشواهد تكذب نص متى، وتؤكد أنه نص مختلق لم يعرف التلاميذ عنه شيئاً، ولا تصح نسبته إلى المسيح.
ثم عند غض الطرف عن ذلك كله، فإنه ليس في النص ما يسلم بأنه حديث عن ثالوث أقدس اجتمع في ذات واحدة، فهو يتحدث عن ثلاث ذوات متغايرة، قرن بينها بواو عاطفة دلت على المغايرة، والمعنى الصحيح لخاتمة متى:"اذهبوا باسم الله ورسوله عيسى والوحي المنزل عليه بتعاليم الله عز وجل".
ولهذه الصيغة الواردة في متى مثل لا يصرفه النصارى للتثليث، فقد جاء في بعض رسالة بولس إلى تيموثاوس:"أناشدك أمام الله والرب يسوع المسيح والملائكة المختارين ... "(تيموثاوس (١) ٥/ ٢١) فإن أحداً لم يفهم من النص ألوهية الملائكة أو أنهم الأقنوم الثالث، ويقال في نص متى ما يقال في نص بولس.
ويشبهه ما جاء سفر الخروج من دعوة بني إسرائيل للإيمان بالله وبموسى من غير أن يفهم تساوي المعطوفين في قوله:"فخاف الشعب الرب، وآمنوا بالرب وبعبده موسى"(الخروج ١٤/ ٣١).