للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكرت الآيات القرآنية الكريمة أن المولود القادم قد خُلق بكلمة من الله، من غير تدخل بشري، فقد خلقه الله من غير أب، وبينت الآيات أن ليس في ذلك ما يقتضي عبادة النصارى له وتأليههم، فقد خلق الله آدم أيضاً على غير الصورة المألوفة في البشر {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} (آل عمران: ٥٩)، لقد خلقا جميعاً بكلمة التكوين الإلهية (كن).

وتحدثت الآيات القرآنية عن ولادة هذا المولود المبارك، فقد كان ميلاده من غير أب، لتكون أول معجزاته عليه السلام {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} (المؤمنون: ٥٠)، ثم أنطقه الله في المهد حال طفولته، أنطقه ليرد فرية اليهود على أمه العذراء البتول {قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيّاً - قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً - وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصّلاة والزّكاة ما دمت حيّاً - وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقيّاً - والسّلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّاً} (مريم: ٢٩ - ٣٣)، {ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين} (آل عمران: ٤٦).

ولما بلغ مبلغ الرجال أرسله الله كما أرسل رسلاً قبله {وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم} (المائدة: ٤٦)، ورسالة عيسى تصديق وتتمة لرسالة موسى الكليم {ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم} (آل عمران: ٥٠)، لذا آتاه الله العلم بالتوراة {إذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل} (المائدة: ١١٠)، وأنزل الله عليه الإنجيل {وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور} (المائدة: ٤٦)، والإنجيل المذكور في الآية هو إنجيل المسيح، وليس شيئاً مما ينسبه النصارى إلى تلاميذه وتلاميذهم.

وقد أيد الله المسيح بالمعجزات، وآتاه من الآيات ما يدل على نبوته وما تقوم به حجة الله على قومه الذين

<<  <   >  >>