للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعدم ذكر المباهاة به خاصة لا يدل على نفيها، لأن المراد بالعباد أصحابه - صلى الله عليه وسلم -، والغرض من ذكرها بيان فضلهم واختصاص عمر لفضيلة استحق بها المباهاة خاصة. والاختصاص بفضيلة لا يوجب التفضيل. ولأنه يحتمل أنه تعالى باهى به - صلى الله عليه وسلم - خاصة إلا أنه لم يذكره. ولأن الغرض من المباهاة إبداء فضل من أراد من المؤمنين للملأ الأعلى، وكان - صلى الله عليه وسلم - مستغن عن ذلك فإنهم كانوا يعرفونه بأنه كان أفضل الخليقة وأكرمهم عند الله تعالى.

وأقول: قد تقرر في الأصول أن المتكلم يكون خارجا عن عموم كلامه، وإلا لزم كونه تعالى مقدورا ومخلوقا بقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}، تعالى الله عن ذلك. على أن المباهاة به مرجعها إلى المباهاة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث إنه من أصحابه وأحد اتباعه.

الرابعة والسبعون: إنهم يقولون إن أهل السنة ينسبون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يخل بعلو قدره، من ذلك ما رووا في كتبهم الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتى سباطة قوم فبال واقفا وتوضأ".

نقول نعم إنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك لضرورة دعته إليه، فقد أخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة أنه قال: "إنما بال قائما لجرح كان في مأبضه". ولأن كل ما يفعله فهو تشريع لجوازه. ولا قبح في البول قائما لا عقلا ولا عرفا.

<<  <   >  >>