المطاعن الثالثة في عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهمنها أنه ولى أمر المسلمين من ظهر منه الخيانة.
والجواب أنا لا نسلم ذلك، بل إنه ولى من كان له حسن الظن به ولم يعلم الغيب، والمرؤ إنما يعرف بالمعاملة، ومن ظهر منه الخيانة عزله. ولأن أمير المؤمنين ولّى غير واحد ممن ظهر منه الخيانة، منه بعض بني أعمامه كما يدل عليه كتابه الذي في نهج البلاغة، وهو هذا: "أما بعد، فإني كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي، ولم يكن رجل في أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي وموازرتي وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب وأمانة الناس قد خزيت وهذه الأمة قد فنكت (أي بعدت) وشغرت (اشتدت) قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخاذلين وخنته مع الخائنين، فلا ابن عمك آسيت ولا الأمانة أديت، وكأنك لم تكن على بينة من ربك وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم وتبتغي غرتهم عن فيئهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة وعاجلت الوثبة واختطفت ما قدرت عليه من الحملة أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزلّ دامية المعزى الكسيرة، فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كأنك لا أبا لغيرك حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد؟ أوَما تخاف نقاش الحساب؟ أيها المعدود كان عندنا من ذوي الألباب كيف تسيغ شرابا وطعاما وأنت تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما