ذهبت الاثنا عشرية وجمهور الإمامية إلى أن بعض الأحكام ينسخه خاتم الأئمة. وذهبت الحميرية إلى أن الإمام يجوز له أن ينسخ الأحكام كلها.
واحتجوا على ذلك بما رواه محمد بن بابويه القمي عن أبي عبد الله أنه قال:"إن الله تبارك وتعالى آخى بين الأرواح في الأزل قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام، فلو قد قام قائم أهل البيت ورث الأخ من الذين آخى بينهما في الأزل ولم يورث الأخ من الولادة".
والجواب أن هذه الرواية كذب وافتراء. ومما يدل على ذلك أن التكاليف الشرعية لما كانت لازمة لعامة الناس لا بد أن تكون منوطة بالعلامة الظاهرة والأمور الجلية، كالتوالد والقرابة ونحوهما مما يدركه البشر، والمؤاخاة الأزلية لا يدركها العقل. ونص الإمام لا يمكن في كل فرد فرد.
والحاصل أن قولهم هذا مخالف لظاهر العقل، لأن الإمام خليفة النبي في ترويج الشريعة وتعليمها، فإن كان له دخل في تبديل الأحكام وتغييرها فقد خالفه مع أنه ليس بشارع، وكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى:{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} الآية، وقوله تعالى:{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} فالناسخ هو الله تعالى، ولا يجوز لنبي ولا رسول أن ينسخ حكما فضلا عن الإمام. ونسأل الله تعالى التوفيق، نعم المولى ونعم الرفيق.