ذهبت الإسماعيلية من الإمامية تبعا للفلاسفة والبراهمة أن الله تعالى موجب بالذات، بمعنى أن تأثيره في وجود العالم بالإيجاب، على معنى أن العالم لازم لذاته، كتأثير الشمس بالإضاءة، وتأثير النار بالإحراق، فإن الإضاءة لازمة لذات الشمس، والإحراق لازم لذات النار. وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه جماهير فرق الإسلام وجميع المليين من أنه تعالى قادر، وهو الذي يجوز أن يصدر منه الفعل وأن لا يصدر، وهذه الصحة هي القدرة، وإنما يرجح أحد الطرفين بانضمام وجود الإرادة أو عدمها إلى القدرة، فإنه لو كان موجبا يلزم أن يكون الممكنات قديمة، لأن الموجب لا يتأخر عنه فعله، واللازم باطل فالملزوم مثله، ولأن العالم محدث لأن كل جسم لا يخلو عن الحوادث مثل: الحركة والسكون، وهما حادثان لأنهما مسبوقان بالغير، وما لا ينفك عن الحوادث فهو محدث بالضرورة، ولأن النصوص الدالة على اتصافه بالقدرة أكثر من أن يحصى، كقوله تعالى:{وهو على كل شيء قدير}، {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم}، {قل إن الله قادر على أن ينزل آية}، {بل قادرين على أن نسوي بنانه}، {أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى} إلى غير ذلك من الآيات.
واحتجوا على أن الله تعالى موجب بأن القادر لا بد له في فعله من الإرادة، والإرادة هي المحبة، والمحب للفعل محتاج إليه، والاحتياج من سمات النقص، ولأن المحبة من الكيفيات النفسانية، والواجب منزه عنها.
والجواب أنا لا نسلم أن الإرادة بمعنى المحبة، وإنما هي القصد إلى الشيء، والفاعل للفعل يريده، ويقصد إليه، سواء رضيه أو لا، وأن الإمامية روت عن الصادق أنه تعالى يريد ولا يحب، كما سيجيء إن شاء الله تعالى.